الأمثال الجاهلية
عادَتْ
حَليمةُ لِعادَتِها القديمة
مَثَلٌ يُضْرَبُ
فيمن يلزم عادة سيئة ويعود لها بعد انقطاع.
وأغلب الروايات
التي بين أيدينا ترجع أصل هذا المثل إلى حليمة وهي زوجة حاتم الطائي الرجل الذي
ضُرِبَ فيه الْمَثَلُ في الْكَرَم حتى قيل : "أكرم من حاتم" .
قصته
كانت حليمة بعكس زوجها معروفة بالبُخْلِ الشَّديد، وكان ذلك يَظْهَر جَلِيًّا في تَقَشُّفِها الْمُبَالَغِ فيه وحِرْصِها الشديد على الادِّخار وعدم التمتع بملذات الحياة، ومن ذلك أنها حينما كانت تهم بالطبخ وتُضِيف السمن للنكهة تَمْسِك مِقْدَار رُبُعِ مِلْعَقة أو أقلّ من ذلك وتَضَعُه في القِدْر ويداها تَرْتَجِفان وقَلْبُها يَنْفَطِرُ من ضَيَاع السمن .
وقد سبّب ذلك إحْرَاجًا لزوجها أمام ضيوفه وخصوصا أنه المعروف بالكرم وحُسْن الضيافة، فالْتَجَأَ إلى الْحِيلَة فقال لزوجته ذات يوم أنَّ الأقدمين كانوا يقولون إنه على مقدار ما تضع المرأةُ مِن سمن عند طبخها يزيد عمرُها بذلك القَدر .
فابْتَهَجَتْ زوجتُه أيما ابتهاج، فصارت تُكْثِر من السمن في طبخها، وشكّل ذلك تَحَوُّلا في شخصيتها فبدأت تَعْتَاد السخاءَ شَيْئا فشيئا، حتى شاءت يَدُ المنون أن تأخذَ ابْنَها الوحيدَ إلى دار البقاء، فَفَجِعَت حليمةُ بهذا الحادث، وحدثت انتكاسة كبيرة في حياتها وتَمَنَّت الموتَ فأخذتْ تُقَلِّلُ مِنْ مقدار السمن في الطبخ ظنًّا منها أن عمرَها سينقُص، فقال الناس: "عادت حليمة إلى عادتها القديمة".
-فإن هذا المثل يسلط الضوء على واقعنا الحي. فكَم من عادات مشينة
في حياتنا تطغى على القلوب فتهلكها، وتتسلط بالأبصار فتعميها .
-كم من رجل انقطع عن التدخين أو شرب الخمر وعند أي مشكلة أو مصيبة
يعود إلى عادته القديمة – السيئة – ضعفا منه وهربا من المصيبة إلى مصيبة أشد وأعتى .
Comments
Post a Comment